في مجتمعنا الحالي، ثمة شيء مفقود في العديد من البيوت. إنه يتميز بالقوة والحرص والعمل الدؤوب ويميّز الصواب من الخطأ، والأكثر من هذا كله، يعرف هذا الشخص أمورًا لا يمكن لأي أم معرفتها. ويعلم كيف يكون رجلًا. بالطبع، إنه الأب.
عندما نقوم في بيبي أريبيا بالبحث في مسألة تفكك الأسرة، تواجهنا الحقيقة ذاتها بشكل متكرر. إذ يعاني الأولاد من المتاعب عندما يعاني آباءهم من المتاعب. وهنا، يتحمّل الآباء أعباءً كبيرة أو لا يكونوا موضع تقدير أو يكونوا غائبين من خلال الطلاق والانفصال الأسري.
وكما هو مشار إليه، تنشأ المشاكل المتعلقة بالشباب الذكور من (أو ترتبط بـ) هذه الحقائق من الحياة في القرن الـ 21 . ومن بين بواعث قلقنا الأساسي؛، عدم وجود الأمثلة والتوجيهات الذكورية التي على الآباء تقديمها. أما الأمهات اللواتي يتًجهن أيضًا إلى العيش في حالة التفكك، فيُترَكْن للقيام بعمل لا يملكن له إلا القليل من التدريب أو الخبرة. ولأنهن لم يكنّ ذكورًا أبدًا، فغالباً ما يكون لدى النساء فكرة مبهمة عن كيفية تربية الذكور. ويكون الأولاد هم أكبر الخاسرين عند تفكك وانشقاق الأُسر.
ويكون الأمر جيد جدًا عندما تخبر شخص ما كيف له أن يعيش حياة كريمة، ولكن لا شيء يضاهي رؤية شخص يعيش هذه الحياة. وتعد النماذج التي يحتذى بها أقوى وسيلة لنقل المهارات والمواقف، ويكون الأولاد بحاجة لرؤية كيف سيكونوا رجالًا طيبين أكثر من إخبارهم كيف يتم ذلك.
يخلص الدكتور ويليام بولوك، عالم النفس في جامعة هارفارد ومؤلف كتاب ريل بويز، إلى أنه على الرغم من صعوبة الطلاق على الأطفال من كلا الجنسين، إلا أنه لأمر مدمّر بالنسبة للذكور تحديدًا. ويقول أنّ المشكلة الأساسية تكمن في الافتقار إلى الانضباط والإشراف في حال غياب الأب وعدم وجوده ليمثل معنى الرجولة الحقيقية.
ويؤمن بولوك بأنّ الآباء يتسمون بالحزم في مساعدة الأولاد في التعامل مع عواطفهم. وبغياب إرشاد الأب وتوجيهه، غالباً ما يؤدي الإحباط الذي يشعر به الولد إلى العنف وغيره من السلوكيات المعادية للمجتمع.
ويتفق الكثير من الباحثين الآخرين إلى أنّ فقدان الأب (أو عدم وجوده أصلًا) لهو أمر كارثي بالنسبة للذكور. وكان الاعتقاد السائد قبل 30 عامًا أنّ الفقر والتمييز العنصري هما المسؤولان الرئيسيان في حدوث جرائم الأحداث وغيرها من المشاكل السلوكية. واليوم، يشعر علماء الجريمة وعلماء النفس بأن الأمر يتعلق كثيرًا بعدم وجود نماذج ذكرية جيدة يحتذى بها، مثل الآباء.
لذا فإن بيبي أرابيا تقول لكم جميعًا – اجتهدوا في علاقاتكم. إنه لأمر عظيم أن نحرز تقدمًا ونغير حياتنا وثقافاتنا ويجب أن تكون الأمهات قادرات على العمل وكسب الرزق. لكن الولد يحتاج إلى أباه، والأمر متروك لنا لنجعل عائلاتنا بيوتًا تملؤها المحبة كما الأمر الطبيعي، بوجود كل من الأم والأب.