يحتاج الأطفال إلى تجارب تثري معارفهم ابتداءً من سنوات طفولتهم المبكرة، والتي تتشكل خلالها شخصيتهم، ليصبحوا فيما بعد أشخاصًا راشدين مستقلين ومتعلمين وواعين. يؤدي نمط الحياة الذي يتبعه الأبوان ويحيطان الطفل به إلى تكوين عادات، تتطور فيما بعد لتشكل شخصية الطفل فيما بعد. يُصنف الأدب والنظافة والنظام والترتيب ضمن العوامل التي تحدد نمط حياة الطفل.
يشمل نمط الحياة خيارات وقرارات متنوعة يتخذها الطفل فيما يتعلق بحياته، مثل الهوايات والاهتمامات ونظام الحياة اليومي، والتي تشكل مجتمعةً ذلك النمط. يحتاج الأطفال إلى منحهم الفرصة لاستكشاف جميع النشاطات والاهتمامات المتاحة، واختيار الشيء الذي يثير اهتمامهم بصورة أكبر. تضطلع التسلية ولعب الألعاب بدور مهم في تشكيل شخصية الطفل، كما تساعد الأنشطة، إذا ما اختيرت بشكل صحيح، والتي يقضي الطفل وقته في ممارستها، في الوصول إلى نمط حياة صحي.
يُقدم الأطفال الذين يقضون ساعات في مشاهدة التلفاز ولعب ألعاب الفيديو، مثالاً للأطفال الذين يعيشون نمط حياة غير صحي، إذ أن هذا النوع من الأنشطة لا يعمل على تحفيز الدماغ بطريقة صحية، كما أنها لا تتضمن أي مجهود جسدي، وكلاهما مهمين جداً للأطفال. بينما يقوم الأطفال الذين يقرأون الكتب ويمارسون الرياضة، ويشاهدون التلفاز باعتدال ويستثمرون الوقت في ممارسة الحرف اليدوية أو أي هواية أخرى مثل الرقص والموسيقى، باتباع نمط حياة صحي. لا يمكن لأي طفل القيام بكل شيء، ولا يمكن لأحدهم أن يكون خبيرًا في كل الأمور، لذلك فإننا لا ننصحك بإجبار أطفالك على ممارسة الأنشطة التي لا يبدون اهتمامًا بها. دعي أطفالك يكتشفون جميع الاحتمالات ومن ثم شجعيهم على المضي قدمًا بالأشياء التي تثير اهتمامهم.
كما يُعد السفر جانبًا مهمًا آخر من أجل تحقيق النمو السليم لطفلك، إذ يساعد السفر إلى أماكن ومدن أو حتى دول جديدة على تفتيح آفاقهم، ويتيح لهم فرصة إلقاء نظرة خاطفة على ثقافات مختلفة وأنواع أطعمة وعادات وأنماط حياة أخرى. ويظل السفر، على الأرجح، أفضل وسيلة لتعليم الأشخاص أن يكونوا متفهمين للاختلافات بين الناس ولأنماط حياتهم الفريدة، حيث يتميز كل مكان بجوهره الفريد. ويجب تشجيع الأطفال على اكتشاف تلك الاختلافات. يسير نمط الحياة والسفر جنبًا إلى جنب، إذ تزيد قدرة الأطفال على فهم أنماط الحياة المختلفة وتكوين نمط الحياة الخاص بهم كلما ازدادت أسفارهم.
وبوصفنا آباء وأمهات، يتوجب علينا أن نوفر لأطفالنا بيئة مُثرية. وعلينا أن نقدم لهم جميع الاحتمالات المتوفرة ومن ثم نشجعهم على اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات التي ستلازمهم مدى الحياة. ومن المهم خلال السفر تسليط الضوء على الاختلافات وعرضها للطفل بطريقة صحيحة، بدلاً من جعل أحدها يبدو أفضل من غيره! لا يولد الأطفال محملين بأفكار عنصرية تجاه الناس واختياراتهم، لذلك فمن واجب الأبوين أن يدعما هذا التفكير المحايد على مدى حياة الطفل!