طرأ تحسن ملموس خلال السنوات العشر الأخيرة على نتائج جراحة إعتام عدسة العين التي تُجرى للأطفال، وذلك لعدة أسباب. فأولاً، أصبح هناك فهم أفضل لفسيولوجيا عيون الأطفال، وخاصة حديثي الولادة. وثانياً، تم طرح تقنيات جراحية أفضل ساهمت في رفع مستوى سلامة وكفاءة الجراحة.
تتطور مشكلة إعتام عدسة العين لدى الأطفال إما بسبب مشاكل جينية أو التهابات رحمية أثناء فترة الحمل، أو قد يصاب بها الطفل نتيجة صدمة أو نتيجة اضطرابات في عملية الأيض. وبينما تتعدد أسباب إعتام عدسة العين لدى الأطفال، فإنها جميعاً تؤدي إلى ضعف البصر بسبب إعتام العدسة في عين واحدة أو في كلتا العينين. ولا بد من إزالة إعتام عدسة العين في الحالات التي تؤثر على البصر وتؤدي إلى إعاقة القدرة البصرية، وذلك في أسرع وقت ممكن طالما لا تهدد الجراحة سلامة الطفل، وخاصة إذا ظهرت المشكلة منذ الولادة. حيث يمكن أن يؤثر التأخير في إزالة الإعتام على التطور الطبيعي للمراكز البصرية في الدماغ.
وتعتبر جراحة إعتام عدسة العين لدى الأطفال أكثر تعقيداً بكثير مقارنة بها لدى البالغين، كما أنها تفرض صعوبات وتحديات أكثر سواء خلال الجراحة أو في فترة إعادة تأهيل البصر بعد الجراحة. ويعزى السبب في صعوبة جراحة إعتام عدسة العين لدى الأطفال إلى كون عيون الأطفال صغيرة جداً وليّنة إلى حد كبير، كما أنها تملك فقط نصف قوة الشد التي تملكها صلبة العين لدى الشخص البالغ. ومن التحديات الأخرى التي يواجهها أخصائيو طب عيون الأطفال هي الحفاظ على وضوح المحور البصري، حتى بعد إجراء الجراحة، وذلك نظراً لارتفاع احتمالية ضبابية الحافظة الخلفية لعدسة العين (posterior capsular opacification). وقد ساهم التطوير المستمر في أدوات الجراحة، بما في ذلك المجهر الجراحي والأدوات المتطورة، في تعزيز سلامة وموثوقية جراحات عدسة العين. لذا ظهرت بعض الإجراءات التي أصبحت ممارسات متبعة في كافة جراحات إعتام عدسة العين لدى الأطفال (بعمر 8 أسابيع حتى 6 سنوات) منها استئصال الحافظة الخلفية لعدسة العين واستئصال الجسم الزجاجي. وكنتيجة لهذه الإجراءات لم يعد إعتام المحور البصري الثانوي مشكلة متكررة في جراحات إعتام عدسة العين لدى الأطفال.
ومن العوامل الأخرى التي تساهم في تحسين إمكانيات شفاء البصر اختيار التوقيت الأمثل للجراحة، وخاصة في حالات الأطفال الذين يعانون من إعتام عدسة العين في جهة واحدة. ففي هذه الحالة يزداد احتمال إصابة الطفل بمشكلة العين الكسولة. لذا فإن التدخل الجراحي المبكر والمتابعة المستمرة تؤدي إلى نتائج أفضل. ويحتاج الطفل في هذه الحالة إلى ارتداء رقعة على العين السليمة بحيث يدَّعم ويعزز قدرة إبصاره، وتظهر النتائج تحسناً كبيراً في قدرة الإبصار لدى بعض الحالات، من رؤية الظلال المبهمة والمشوشة وصولاً إلى تحسن قدرة الإبصار بنسبة 90-95%.
ومن أهم الاعتبارات التي يجب التنبه إليها قبل إجراء الجراحة إمكانية زراعة عدسة العين أو عدمها. فزراعة عدسة العين المبدئية لا تلائم جميع الأطفال، كما أن الأمر يعتمد على نوع إعتام عدسة العين الذي يعاني منه الطفل. فجراحة إعتام عدسة العين الناجحة لدى الأطفال لا تتعدى كونها الخطوة الأولى نحو تصحيح البصر، ويبقى التحدي الأبرز في كيفية تصحيح الأخطاء الإنكسارية في البصر. ومن الخيارات المتاحة لهذه الحالة زراعة عدسة العين أو استخدام العدسات اللاصقة. وتمتاز زراعة عدسة العين بأنها توفر مدخلات بصرية مستمرة وهو عامل بالغ الأهمية لتحسين نتائج قدرة الإبصار بعد جراحة إعتام عدسة العين. كما أن العدسة الداخلية في العين توفر على الأقل تصحيحاً جزئياً للبصر في جميع الأوقات. ونظراً لهذه الميزة بدأت ممارسات زراعة عدسة العين تحظى بقبول تدريجي في مجال علاج وإدارة حالات إعتام عدسة العين لدى الأطفال. وقد طرأت تغيرات ملموسة على جراحات إعتام عدسة العين وتصحيح البصر في السنوات الأخيرة. ومع ظهور تقنيات جراحية جديدة وتوفر أدوات جراحية حديثة، باتت لدى الأطفال الذين يعانون من ضعف البصر فرصة أفضل لتحسن بصرهم وجودة حياتهم بشكل عام.
www.moorfields.ae