تذوّق الفنون مثل الرسم والنحت والتصوير ليس أمراً ثانوياً في حياة طفلك كما تعتقدين. بل هو ضروري لأنّه قد ينمّي لديه موهبة خفية. كما أنّه يلعب دوراً مهماً في تحفيز مخيّلته وثقافته وتقوية حواسه. لكنّ المشكلة هي أن زيارة المعارض الفنية والمتاحف لا يعتبر أولوية بالنسبة إلى طفل يبلغ الـ 3 أو 4 من عمره. فكيف تشجعينه على ذلك؟
في سنّ الثانية ليس من السهل أن تصطحبي طفلك إلى أماكن العروض الفنية مثل المتاحف أو صالات عرض اللوحات. لذا عليك الانتظار حتى يبلغ سنته الثالثة أو الرابعة. لكن انتبهي إلى أنّه لا يمكنك أن تبقي في المكان الذي تزورانه لوقت طويل.
فالمهم في هذه المرحلة هو أن تتنقلي برفقته في المكان وأن تتوقفي أمام التحفة أو اللوحة التي يركّز عليها نظره. فهذا يعني أنّها تلفت انتباهه وأنه يتحدّث إليها في مخيلته.
إذا كنت تريدين لطفلك أن يهتم بأنواع الفنون الراقية كالرسم والنحت والتصوير، تذكّري أن المهمة دقيقة وتحتاج إلى الانتباه.
احرصي أولاً على أن تجعلي ذلك جزءًا من أنشطة العطلة بين الحين والآخر. وبعد ذلك تنبهي إلى أنّه يركّز في هذه المرحلة العمرية على ذاته. وهذا يعني أنهّ يتفاعل مع الأعمال الفنية كالتحف واللوحات انطلاقاً من ارتباطها بمشاعره وتجاربه.
فإذا قال لك مثلاً أثناء مشاهدته لوحة ما: “أنظري إلى هذا”، اقتنصي الفرصة واسأليه: “ما الذي يشبهه هذا؟”. ولا شكّ في أن إجابته ستنطلق من تلك المشاعر والتجارب. وهذا يشجعه على التفاعل مع العمل الفني وعلى تحليله وطرح الأسئلة بشأنه.
كذلك عندما تتحدثين إليه عن لوحة أو صورة أو تحفة انتقي كلماتك بدقة. فلا تقولي له مثلاً “أنظر” بل اسأليه “ما الذي تراه؟”. ولاتنسي أهمية أن تتركي له أحياناً أيضاً حرية اختيار ما سيشاهده.
إذا أردت أن يحب طفلك الفنون لا تحوّلي زيارة المتاحف أو معارض الرسم إلى واجب مدرسي. كذلك انتبهي إلى أنّ الانتظار والصبر لا يشكلان إحدى صفات الأطفال. لذا من الأفضل أن تكون زيارة أماكن العروض الفنية قصيرة. فاختاري مثلاً لوحتين أو تحفتين فقط وحدّدي معلومتين أو 3 لا أكثر لتقدميها له. وبالطبع اسأليه دائماً عما يراه بنفسه.
قد يقول طفلك عند مشاهدته اللوحة أو التحفة: “ليست جميلة” أو “قبيحة”. وهذا حقّه الطبيعي. لكن إذا أردت مساعدته على تنمية مخيلته وتطوير لغته وقدرته على النقد والتحليل إطرحي عليه أسئلة مثل: “لماذا لم تحبها؟” أو “ما الذي تجده غير جميل فيها؟”. وبالطبع ليس عليك أن تقنعيه بوجهة نظرك الخاصة. فالأطفال لا يعرفون المواربة وقد يعبرون عن مشاعرهم بصراحة وصدق.
لا تدعي الزيارة التي قمت بها برفقة طفلك إلى المتحف أو صالة عرض اللوحات تنتهي عندما تغادران المكان. فمن الأفضل أن يحتفظ بذكرى من تجربته هذه. إذاً اشتري له بطاقة أو تحفة صغيرة. وعندما تعودان إلى المنزل شجعيه على جمع ذكرياته في صندوق أو ألبوم خاص. فلا تنسي أن ما تختزنه ذاكرة الأطفال في هذه السنّ يشكل جزءًا من شخصياتهم في ما بعد.
كذلك إدعيه بين الحين والآخر إلى مشاهدة برامج تتحدث عن الفنون أو إلى قراءة كتب مصورة ترتبط بها.