يعدّ التجادل والسلوك الفظ من التصرفات التي لا بدّ أن يواجهها الأهل في مرحلة ما. فمع نمو الأطفال وتطوّرهم ليصبحوا أشخاصًا قائمين بذاتهم، من الطبيعي أن يحاولوا تجاوز الحدود وإثبات وجودهم باعتبارهم أفرادًا متساوين مع غيرهم.
ويُقصد بالتجادل سعي الطفل لأن “تكون الكلمة الأخيرة له” أو مطالبته بمعرفة الأسباب أو تعمّد الظهور بمظهر عدم خضوعه لسيطرتك.
أما بالنسبة للسلوك الفظ أو التصرّف بعد احترام، فيقصد به تصرّف الطفل بأسلوب يتّسم بالوقاحة أو بالعدائية دون العبء بالمعايير الاجتماعية أو مكانة الكبار، مع محاولة فرض السيطرة أو تعمّد كسر القواعد.
الحدود والتّبعات
وعلى الرغم من حاجة الأطفال إلى التساؤل حول مكانتهم والتعرّف عليها، إلاّ أنه من الضروري للغاية وضع حدود راسخة لهم وتنبيههم بأن تخطّي هذه الحدود سيؤدي إلى مواجهة تبعات محدّدة.
وبما أن الحدود هي بمثابة القواعد، فإنّه من غير العادل أن يقوم الأهل بفرض قواعد غير واضحة على أطفالهم. فعلى سبيل المثال، في حال كان موعد النوم المحدّد لطفلك هو عند الساعة 7 مساءً بينما تتيحين له في الكثير من الأحيان تجاوز هذا الوقت والبقاء مستيقظًا حتى الثامنة مساءً، فستكون هذه القاعدة غير واضحة بالنسبة له. حينها يمكن أن تتوقعي بأن يقوم طفلك بالجدال والإكثار من طرح الأسئلة أو حتى التصرّف بعدم احترام تجاهك، ذلك أن القواعد في هذه الحالة غير واضحة وغير متسقة.
وعلى نحوٍ مماثل، فإن الأهل الذين لا يتهاونون في استخدام أطفالهم لكلمات سيئة على الرغم من استخدامهم هم أنفسهم لكلمات مسيئة في المنزل يمرّرون لأطفالهم رسالة ملتبسة ويمكنهم أن يتوقعوا في المقابل الحيرة وعدم الاحترام من قبلهم.
أما التبعات فهي النتائج المترتّبة على تصرّفات الطفل. فإذا كنتِ مثلًا تتوقعين ذهاب طفلك إلى النوم عند الساعة السابعة مساءً ولم يكن في سريره في ذلك الوقت، فالتبعات قد تتمثّل في حرمانه من لعبته المفضّلة. وقد لا ينفّذ العقاب على الفور، بل من الممكن أولاً أن تعدّي حتى ثلاثة أو أن تكون لديكِ سياسة تمنحه زمنًا محدّدًا للامتثال لأوامرك. وعلى الرغم من ذلك، فمن الضروري أن تكون التبعات واضحة ومطبّقة على الدوام. فالأهل الذين يهدّدون بتنفيذ التبعات ولا يملكون القوة الكافية لتطبيقها سيواجَهون بعدم الاحترام ولن يصدّق الأطفال أن تلك التبعات ستنفّذ يومًا.
وفي الواقع، لا يمكننا العيش في عالمٍ خالٍ من الحدود والتبعات، وإذا كان حبّ الأهل حقيقيًا لأطفالهم فلا بدّ لهم من ضمان وجود تبعات حقيقية على نحو ثابت ومستمرّ.
وتذكّري، ليس بالضرورة أن تكون التبعات سلبيةً على الدوام، إذ يمكنكِ الثناء على السلوك الجيّد لدى طفلك ومكافأته، وتشجيعه على العيش في عالم آمن والتعامل باحترام والتحاور بشكل إيجابي مع الجميع.