إذا طُلب منك تخيل أول بيئة تعليمية لطفلك، فعلى الأرجح ستتخيلين غرفة صفية بطاولات وكراسي ولوح قديم، إلاّ أن تعلم الطفل يبدأ حقًا قبل دخوله الغرفة الصفية من خلال اللعب، وهو مصدر التعلم الذي يستبعده معظم الآباء والأمهات.
وتفسر الدكتورة جيل ستام هذا في كتابها “مشرق منذ البداية” (Bright from the Start) بقولها: “يخبرنا علم الأعصاب أن اللعب أمر بالغ الأهمية لمساعدة الدماغ على العمل والتعلم. كما يتيح اللعب للأطفال اكتشاف العالم المادي واختبار قدراتهم وحدود إمكاناتهم، والأهم من ذلك أنه يساعدهم على فهم أنفسهم فيما يتعلق بالعلاقات التي يكونونها مع الأشخاص الأساسيين في عالمهم الآخذ في الاتساع.”
وبوصفك أمًا، يمكنك إنشاء غرفة ابنك الصفية الأولى في المنزل من خلال توفير النشاطات الإنتاجية والمبنية على اللعب لطفلك وذلك باستخدام أشياء موجودة في منزلك. وقبل البدء بالحديث عن النشاطات، نستعرض بعض القواعد المهم اتباعها في الغرف الصفية:
1. التحدث، ثم التحدث، ثم التحدث! تعد اللغة واحدة من أهم وسائل التعلم للأطفال الصغار، فكلما تحدثت معه أكثر زادت ذخيرته من المعلومات. حاولي قدر الإمكان جعل كلامك معه وصفيًا ومفصلًا وتحدثي معه كلما سنحت لك الفرصة. فعلى سبيل المثال، اشرحي له أفعالك خطوة بخطوة عند ركوب السيارة: “ها نحن نركب سيارتنا الزرقاء الكبيرة مرةً أخرة. انتظر لحظة، علينا أولاً أن نفتح الباب المربع الكبير ذو المقبض الأسود والآن علينا ان ندخل المفتاح المعدني الفضي اللون في المشغّل لتشغيل المحرك. هل يمكنك سماع صوت المحرك؟ هكذا نعلم أن السيارة بدأت بالعمل.” قد تشعرين بالسخافة عندما تصفين لطفلك الأمور التي تبدو واضحة بالنسبة لك وتتحدثين عن مفاهيم تبدو معقدة لطفلك الصغير، إلّا أن استخدام اللغة يعد فرصة تعليمية ثمينة جدًا لطفلك، لذا فعليك التحدث بكثرة (خاصة عند عدم وجود أشخاص يمكنهم سماعك لتجنب النظرات الغريبة الموجهة إليك).
2. عليك بالتكرار. لا تعتقدي أنك مضطرة للإتيان بنشاط جديد كل ساعة أو مجموعة جديدة من الأنشطة يوميًا. فالتكرار يؤدي إلى إحداث نشاط عصبي متناسق يؤدي إلى نمو الدماغ. فكلما زاد تكرارك لنشاط محفز ترك صدى لدى طفلك، ويبدأ حينها تشكل نمط في دماغه يدفع عقله إلى النمو.
3. أنشئي بيئة تعلم إيجابية. الأطفال حساسون بشكل كبير تجاه البيئة والنشاطات المحيطة بهم. وليحصل طفلك على أكبر فائدة من وقت اللعب، جهزي له مساحة لعب ذات بيئة سعيدة ومريحة معرضة للكثير من الضوء الطبيعي إذا أمكنك ذلك وتخلصي من أي شي قد يشتت انتباه طفلك (أزيلي ألعابة الأخرى وأطفئي التلفاز وغيرها من المشتتات).