تربية طفل إجتماعي لا تعني على الإطلاق أن يندفع من اللحظة الأولى إلى أحضان كل الناس الذين قد يلتقيهم في الإحتفالات والمناسبات، وحتى في عيد ميلاده! ولا تعني بالضرورة أن ندفعه نحن إلى التآلف مع كل الأقارب والاصدقاء في كل جمعة عائلية، حتى وإن كان يرفض ذلك.
بالنسبة للطفل كل شيئ يُبنى وتُدعم أسسُه إنطلاقاً من بيئته الصغيرة: الطباع والقدرات، المخاوف والثقة بالنفس، الميول والهوايات. وبالتالي هناك إحتمال بأن ينشأ الطفل ميالاً إلى العزلة نتيجة سلوكيات معينة داخل الأسرة كأن يكون أهله غير إجتماعيين ولا يختلطان كثيراً بالناس، أو كثيري الشجار على مسمعه ما يجعله يعيش شعورا دائماً بعدم الإستقرار والأمان.
بخلاف الكثير من أساليب التربية المعتمدة، لا تقضي تربية طفل إجتماعي بأن يختلط حتماً بالراشدين أو بالأطفال الذين يلتقيهم في الحدائق العامة أو الحضانة أو حتى عند أقاربه. عليك سيدتي ان تتركي طفلك يبادر إجتماعياً بحسب إيقاعه الخاص إذا أراد، وألاّ ترغميه على ذلك أي لا تقولي له مثلاً: لم لا تعانق السيدة فلانه فهي لطيفة؟ أو لم لا تلهو مع إبنها فهو يحبك؟ إلخ
الطفل دون الثلاث سنوات يحتاج دائماً إلى مرتكزٍ آمن يركن إليه عندما يخرج برفقتك أيتها الأم إلى المجتمع الكبير وحتى إلى الجمعات العائلية. أي أنه يحتاج إلى أن يراك قريبة منه كي يأخذ مبادرة السلام على أحد الأقارب أو الأصدقاء. عندما تصطحبين طفلك إلى أي مكان واظبي على التواصل معه بالعينين والإبتسام كي يشعر أنك تحمينه وتشجعينه في آن. فما يحتاجه الطفل الصغير في هذه المرحلة العمرية أن نُنمي ثقته العاطفية بنفسه وشعوره بالأمان قبل أي أمر آخر.
في كل الأحوال إعلمي سيدتي أن تحفيز الطفل على اتخاذ صداقات سواء في الحضانة أو عند الأقارب كي “يصبح إجتماعياً”، ليس مفيداً قبل أن يبدأ عامه الثالث. فهو لا يفقه بعد معنى الصداقة مع آخرين، بل يحتاج أكثر إلى أن يكون بين والديه و إخوته، الذين يشكلون صمام الأمان له في هذه المرحلة من العمر. وهذا بالتحديد الأمر الذي يؤهله للإقبال على البيئات الأوسع بثقة وإرتياح.
في الخلاصة الطفل الاجتماعي هو الذي يبدأ بالإستجابة للإشارات الاجتماعية كالابتسامة مثلاً، وإن لم ينتقل فوراً للسلام على أطفال آخرين أو مشاركتهم اللعب، لأن الإيقاع والأسلوب يتفاوتان بين طفل وآخر.