نستمع أنا وابني الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات إلى الأغاني العشرة نفسها كل يوم في طريقنا إلى المدرسة. ويعرف كلانا جميع كلماتها. وأجد نفسي أغنيها حتى وإن لم يكن موجودًا.
تشكل الألحان الجذابة جزءًا من المنهج المدرس في مؤسسة العقول النيرة، التي تتخذ من دبي مقرًا لها، وتقدم حصصًا تدريسية للأطفال الذين يتراوح عمرهم بين ستة أشهر وستة أعوام.
وبالإضافة إلى أن جلساتها التي تمتد لخمسين دقيقة ممتعة وتفاعلية وتشمل الموسيقى والتطوير الحسي والألعاب، فهي أي
ضًا مصممة خصيصًا لتدريب العقل “بشكل كامل”. وأنا كذلك لم أفهم معنى ذلك.
وبعبارات بسيطة، تفسر لنا تمام برحوش الطبري، مُؤسِسة العقول النيرة، ما يعنيه ذلك بقولها: “من حيث المبدأ، يُقال إن النصف الأيمن من الدماغ مسؤول عن الإبداع والثقة بالنفس والحدس، بينما يضطلع النصف الأيسر بمسؤولية المنطق وحل المشكلات.
وأضافت “يبدأ النصف الأيسر من عقول معظم الأشخاص بأن يصبح هو المهيمن منذ عمر ستة أعوامٍ تقريبًا، وتشجع معظم الأنظمة التعليمية مهارات التعلم “للنصف الأيسر”، مثل الحساب والقراءة والكتابة والعلوم.”
ويمتاز تدريب الدماغ بشكل كامل من جهة أن يعمل على تفعيل النصف الأيمن من الدماغ، ومساعدة الأطفال على استخدامه لمدة أطول، وتطوير حدسهم ومدى انتباههم وذاكرتهم.
وكانت المحامية السابقة، البالغة من العمر 38 عامًا، والتي تمتلك شغفًا كبيرًا تجاه التعليم والتعلم، تدير الحلقة الصفية في دبي مع ابنها مروان، عندما اكتشفت أسلوب التعليم المتميز. وحزنت جدًا عندما علمت أن الحصص الدراسية ستتوقف.
وقالت الطبري “بدأت باصطحاب مروان إلى جلسات تدريب العقل بشكل كامل لنحو أربع أو خمس مرات أسبوعيًا ومنذ كان عمره سبعة أشهر. وقد لاحظت تسارع وتيرة تطوره وتحقيقه لأهم المراحل الرئيسة قبل غيره من الأطفال، كما هو حال زملائه في ذلك الصف أيضًا. فقد أصبح تواصلهم وتركيزهم أفضل، كما كانوا أكثر مقدرة على التعرف على مختلف الألوان.
“وخاب أملي عندما علمت أنهم سيتوقفون لأن المكان سيغلق، لذا عملت مع المدرسين على البدء من جديد في مكان آخر.”
إلا أن الحفاظ على استمرارية الدروس لم يكن العامل المحفز الوحيد لقرار تمام بتأسيس مؤسسة العقول النيرة، فقد وجدت أثناء إجازة أمومة الخاصة بها أن الانتقال من وظيفة محامية سريعة الحركة إلى ربة منزل يشكل تحديًا، مما قادها للبحث عن منفذ.
وفي هذا الصدد، قالت “كنت معتادة على العمل في شركة محاماة حتى الساعة العاشرة مساءً كل يوم، وشعرت بالانفصال عن العالم بعد الولادة والتعامل مع طفل يعاني من المغص. لم أرغب في قضاء يومي كاملاً في المنزل، لذا أصبحت خبيرة في تدريس الأطفال الصغار. ورغم أنني لم أدرك ذلك في حينها، إلا أنني كنت أقوم بأبحاث السوق!”
وأتاح نمو الشركة الطبيعي لتمام فرصة القيام بالعمل الأكثر توازنًا؛ ألا وهو الموازنة بين العمل ورعاية طفليها، مروان الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، وكايا التي تبلغ من العمر سنة نصف. وتعترف تمام بأن عدم قدرتها على ترك العمل بشكل كامل كان أحد الصعوبات التي تواجهها في إدارة عملها الخاص، ولكنها تقر كذلك بأن العمل المكتبي لا يتيح لها نفس المرونة.
وقالت “يعتمد الأمر على التوازن بشكل كبير، فإذا قضيت ساعات طويلة خارج المنزل لحضور الاجتماعات، كما هو الحال اليوم، فسأتأكد من قضاء يوم غد مع أطفالي طوال اليوم. أنا الآن متاحة لعائلتي بقدر الإمكان ولكنني ما زلت مشغولة، وعقلي مشغول في أمور أخرى.”
وسألتها إن كان التدريس قد ساعد في تشكيل وجهة نظرها حول الأمومة أو تعليم الأطفال، فأجابت “كنت أستهين بكيفية تعلم الأطفال سابقًا. إذ أنهم يتعلمون بينما هم يمرحون. فهم يمتصون الكثير، مثل الإسفنجات.
فعلى سبيل المثال، عندما نأكل الدجاج فنحن لا نأكله فحسب، بل نتناقش في أصله، وما هي الأصناف التي نتناولها، وكيف نقوم بطهيه. لقد ساعدتني الحصص التدريسية على أن أصبح أكثر إدراكًا لقدرات الأطفال الصغار. أما أطفالي، فهم يمثلون حقل تجارب بالنسبة لي، فعادة ما أضم اهتماماتهم إلى الحصص الدراسية، وأرى العالم من وجهة نظرهم.”
أما بالنسبة النصيحة التي تقدمها لغيرها من الأمهات اللاتي يردن البدء بأعمالهم الخاصة، فهي لا تتردد في الإجابة قائلة: “فقط قومي بذلك، فقد بدأت مؤسسة العقول النيرة مشروعًا صغيرًا، وانتهى بها المطاف بأن تصبح شركة. وقد كانت خططي الأصلية في البداية صعبة التحقيق، ولكن المشروع تطور بشكل طبيعي مما ساعد في جعل التمهل في العمل أسهل.
“لذا ابدئي فحسب، وقد تتفاجئين بأن يصبح الأمر أكبر مما تصورتِ. فمن المهم أيضًا أن تحققي ذاتك، وتفكري بإبداع وتساعدي غيرك. وبالنسبة لي، فالأمر ليس مجر عمل أو مصدر دخل.”
ويبدو أن المخاطرة قد آتت أكلها بالنسبة لتمام. إذ تقدم مؤسسة العقول النيرة حصصًا يومية في خمس مواقع مختلفة في دبي وأبو ظبي، كما أن لديها خطط للتوسع. وستقدم ابتداءً من شهر سبتمبر حصصًا في الطهي والفنون والموسيقى وحصصًا لمرحلة ما قبل رياض الأطفال.
وأنا شخصيًا من أكبر الداعمين للمؤسسة. فقد قمت بتسجيل ابني العام السابق واستفاد بشكل إيجابي. فبالإضافة إلى حبه للصف الدراسي، فهو يعرف أيام الأسبوع والأحرف الأبجدية والفصول الأربعة، وبإمكانه “تشغيل” إبداعه حرفيًا بضغطة زر خيالي. وأنا متشوقة أيضًا لسماع القرص المضغوط الجديد العام القادم. أعني أن ابني هو المتشوق لذلك.
للمزيد من المعلومات ولمعرفة جدول الحصص الدراسية، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني www.thebrightmindsinstitute.com