X

حوار حول اضطراب طيD 9 التوحد

كثيراً ما يتبادر إلى أسماعنا كلمة “التوحد”، حيث ازداد الحديث عن هذا المصطلح في الآونة الأخيرة. التوحد هو اضطراب يصيب الفرد في مراحل الطفولة المبكرة و يؤثر على حياته اليومية، تواصله مع من حوله و قد يعيق نموه اللغوي و تحصيله الدراسي.

حول هذا الموضوع، التقينا بالأخصائية سناء يوسف ابراهيم، معالجة سلوكية معتمدة بقسم تحليل السلوك التطبيقي في مركز جدة للنطق والسمع و أجرينا الحوار التالي:

ما هو تعريف التوحد؟

التوحد هو اضطراب هو اضطراب نمائي عصبي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. وتتطلب معايير التشخيص ضرورة أن تصبح  هذه الأعراض واضحة قبل أن يبلغ الطفل من العمر ثلاث سنوات

متى تظهر سمات طيف التوحد؟

تظهر سمات طيف التوحد خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، و كثير من الأطفال قد تظهر لديهم هذه السمات في السنة الأولى فمثلا يظهر الأطفال المصابين بالتوحد اهتمامًا أقل تجاه المؤثرات الاجتماعية، ويبتسمون وينظرون إلى الآخرين بشكل قليل في كثير من الأحيان، وقليلًا ما يستجيبوا عند سماع أسمائهم. ويختلف الأطفال الصغار الذين يعانون من التوحد بشكل ملفت للنظر عن غيرهم، فعلى سبيل المثال، يقل عندهم التواصل عن طريق العين ولا ينتبهون لأخذ دورهم أثناء الكلام للتفاعل مع الآخرين. وليست لديهم القدرة على استخدام الحركات البسيطة للتعبير عن أنفسهم، ومثال على ذلك، عدم استطاعتهم الإشارة إلى الأشياء . هذه مؤشرات على وجود مشكلة لدى الطفل و تستدعي عرض الطفل على الطبيب المختص.

ولا تتطور مهارات التواصل لدى حوالي ثلث إلى نصف الأفراد المصابين بالتوحد، بدرجة تكفي احتياجات التواصل اليومي مما يسبب لجوء الطفل للتواصل عن طريق البكاء أو مشاكل سلوكية أخرى.  كما أنهم كثيرًا ما يكررون الكلمات التي يقولها الآخرون .

يقوم الأطفال المصابون بالتوحد بالعديد من أنماط السلوك المتكرر أو المقيد مثل رفرفة اليدين أو ترديد أصوات وكلمات معينة أوترتيب الأشياء على هيئة صفوف.  مقاومة التغيير على سبيل المثال كالإصرار على ألا ينقل الأثاث من مكانه. بعض الأشخاص المصابين بالتوحد يقوموا بإيذاء أنفسهم ، مثل عض اليد، أو ضرب الرأس.

ما هي مسببات اضطراب طيف التوحد؟

لا زال الغموض يلف هذا الاضطراب و لم يستطع العلم الحديث حتى الآن تحديد أسباب هذا الاضطراب و لهذا سمي باللغز. بعض الدراسات الحديثة أشارت أن جزءًا كبيرًا من حالات التوحد قد يرجع إلى أسباب جينية وراثية.

الكثير الباحثين أرجعوا أسباب هذا الاضطراب لعوامل  بيئية كتلوث الجو أو أو أطعمة معينة ، و أسباب عضوية و بيولوجية تصيب الدماغ بخلل عصبي قبل الولادة أو بعدها. أو أسباب كيميائية مثل خلل في افرازات النواقل العصبية.

كل الأدلة الخاصة بهذه الأسباب غير مؤكدة ولم تثبتها دراسات موثوقة إلى الآن.

ما مدى انتشار التوحد؟

تفيد الإحصائية التي أعدها مركز السيطرة والوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة الامريكية (CDC) بإصابة 1 من 88 طفل أمريكي حيث تشير هذه النسبة إلى أن إنتشار التوحد قد زاد بمقدار 10 مرات منذ 40 عاماً. كما أن التوحد يصيب الذكور أكثر من الإناث بأربع إلى خمس مرات.

كيف يمكن التعامل مع الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد؟

أولاً و من أهم الأمور هو التشخيص السليم و الصحيح لاضطراب طيف التوحد. للأسف، هناك الكثيرون ممن يدعوا تخصصهم في تشخيص اضطراب التوحد لكنهم في واقع الأمر غير مؤهلين لذلك و قد يخطأوون في التشخيص مما قد يسبب ضرراً كبيراً على حياة الطفل و ذويه. إن استشاري الأمراض النفسية أو علم النفس الاكلينيكي و من لديهم رخصة اكلينيكية معترف بها دولياً في قياس و تشخيص اضطراب التوحد هم وحدهم المؤهلين للقيام بهذا الأمر الهام.

بعد التشخيص، يجب ادراج الطفل في برنامج تأهيلي يضم فريقاً متعدد التخصصات ممن لديهم الخبرة و المؤهلات اللازمة للعمل مع الطفل، مثل الأخصائي النفسي، أخصائي النطق واللغة، أخصائي العلاج الوظيفي، و معلم التربية الخاصة. يشمل البرنامج تعديل السلوك، علاج التخاطب، التعليم الأكاديمي حسب درجة الاضطراب الذي يعاني منه الطفل، و العلاج الوظيفي للمشاكل الحسية التي قد يعاني منها طفل التوحد في كثير من الأحيان. من المهم أن تكون الأساليب العلاجية المقدمة للطفل المصاب بالتوحد مثبتة فاعليتها علمياً evidence based therapy مثل تحليل السلوك التطبيقي على سبيل المثال.

كيف يمكن التصدي لاضطراب طيف التوحد؟

كما أشرنا سابقاً لا توجد دراسات و أبحاث تؤكد أسباب الاصابة بالاضطراب و لم يتم ايجاد علاج شافي له. لكن هناك برامج تأهيلية عديدة يمكن مساعدة الطفل و ذويه في تأهيل الطفل و تنمية مهاراته الاجتماعية و التواصلية. على كافة القطاعات المعنية زيادة وعي الأسر و الأهالي حول هذا الاضطراب و أهمية الكشف والتدخل المبكر. كما أنه من المهم توفير الكوادر المؤهلة علمياً و اكلينيكياً للعمل مع الأطفال ا لمصابين بهذا الاضطراب. من الضروري أيضاَ تعاون القطاعين الحكومي و الأهلي في ايجاد و تأسيس المزيد من المراكز التأهيلية المتخصصة في اضطراب طيف التوحد