في كثير من الأحيان، وفي ظل وتيرة الحياة السريعة، يكون للآباء تأثير قليل على لغة أطفالهم ونجاح عملية تعلمهم. لقد أحببنا تلك المقابلة التي أجرتها إدوينا فيل مع لويس هيمان، والتي شرحت خلالها كيف يمكن للوالدين أن يحولوا ذلك الشعور بالعجز إلى إحساس بالتمكين بسهولة من خلال اختيار الألعاب الصحيحة أو من خلال القليل من التفاعل. ومن شأن قضاء الوالدين لعشرين إلى ثلاثين دقيقة يوميًا في ممارسة ألعاب موجهة مع كل طفل، أن يؤدي إلى إحداث فرق إيجابي كبير في تطور لغة الطفل وعملية التعلم لديه.
لقد كنت محظوظة جدًا بلقاء لويس كام هايمان خلال رحلتها الأخيرة إلى دبي، إذ عملت مع مركز تطوير قدرات الأطفال في دبي على إلقاء سلسلة من المحاضرات في “متجر مبادرة التغيير”. ورغم وقتها الثمين، إلا أنها منحتنا جزءًا منه لإجراء هذه المقابلة. لقد أدركت من خلال مقابلتي مع لويس أنها الشخص الذي كنت أتطلع للقائه والذي سوف يلهمني لمعرفة طرق وسبل جديدة لتعليم أطفالي.
لمحة عامة
حضرت لويس، التي تعيش في مدينة نيويورك، إلى دبي للعمل مع مركز تطوير قدرات الأطفال، وهو مركز يُعنى بالعمل مع الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم والتي من المحتمل أن تمنعهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. لويس هي أخصائية في علم أمراض الكلام واللغة، ولديها خبرة تتجاوز الثلاثين عاماً في العمل مع الأطفال الذين يعانون من تحديات سمعية مثل الدرجات المختلفة من فقدان السمع، وهي واحدة من أهم الشخصيات في العالم التي تعمل في مجال اضطرابات المعالجة السمعية.
وقبل بضع سنوات، التمست ممثلة هوليوود روزي أودونيل المساعدة من لويس لعلاج طفلها بالتبني بليك، الذي كان يبلغ من العمر سبع سنوات في ذلك الوقت، وكانت روزي معجبة جداً بتقدم بليك، حتى أنها قررت العمل مع لويس لإطلاق كتاب لمساعدة الأمهات اللاتي لا يستطعن الوصول للويس شخصيًا. كان كتاب (صوت الأمل) كتابًا رائدًا، وظهرت لويس في برنامج “صباح الخير أميركا” ومع رايتشل راي وكتبت مقالات في القسم الصحي في صحيفة نيويورك تايمز.
وبمرور الوقت، تبين بأن علاجات لويس ساعدت أيضًا الأطفال الذين لا يعانون من اضطرابات المعالجة السمعية، وتشمل علاجاتها استخدام عدة ألعاب وأدوات تساعد الأطفال على زيادة مفرداتهم اللغوية وعلى التعامل مع الجانب الإبداعي منهم.
ما نوع الأنشطة المحددة؟
قد تكون بعض الأنشطة التي تصفها لويس بسيطة جدًا مثل الرسم بالأصابع، أو استخدام عجينة اللعب المصنوعة منزليًا، أو قص أوراق المجلات القديمة لعمل أُحجيات، أو اللعب بالملصقات. يسمح هذا النوع من الأنشطة للأطفال بأن يكونوا مبدعين، ولكن تعتمد الفروقات الكبيرة على كيفية تفاعل الأبوين مع أطفالهما للمساعدة في تطورهم.
التعلم من خلال اللعب؟
لقد شرحت للويس بأن دبي مدينة تتميز بتنوعها الثقاف الكبير، وأن بعض الأشخاص، مثلي أنا، يأتون من ثقافات لا تُقدر قيمة التعلم من خلال اللعب. لم يكن لدي مثل تلك التنشئة، حيث نشأت تنشئةً صينيةً، كوني عشت في سنغافورة حتى بلغ عمري عشرة أعوام، قبل الذهاب إلى مدرسة داخلية في المملكة المتحدة. لقد عشت في بيئة (الأم النمرة)، حيث تعلمنا كل شيء بطرق التدريب التقليدية. ما زلت أعتقد بأن هنالك فوائد يُمكن تحقيقها من نظام الأم النمرة – والأدلة على ذلك كثيرة، ويكفي النظر إلى الطلبة القادمين من الصين والهند لمعرفة ذلك.
ولكن الآن، بوصفي أماً، فإنني أرى أهمية التعلم من خلال اللعب، فهو أقل إرهاقًا للأطفال ويمكن تحقيق نتائج مماثلة من خلاله. قد لا أُقدم على تعليم أطفالي من خلال اللعب أو باستخدام الكلمات الصحيحة بتلقائية، إلا أن لويس ترينا كيف يمكننا فعل ذلك. بالنسبة للأبوين القادمين من دول غربية، فالأمر يشبه تعليم الصياد كيف يصطاد. أما بالنسبة للآباء المنحدرين من ثقافات أخرى، فإن تعاليم لويس مفيدة جدًا، وتحديداً بالنسبة للآباء الذين يعتقدون بأن الألعاب الأعلى سعرًا هي الأفضل، بغض النظر عن القيمة التعليمية والتنموية لها.
ما الألعاب التي يتوجب علينا اختيارها للتعلم والتطور؟
تفضل لويس الألعاب الأرضية التي تسمح للأطفال باستخدام مخيلتهم، مثل المكعبات، التي يكون لها أهمية بالغة خلال جلسات العلاج، حيث يستطيع الطفل تخيل أن أحد المكعبات هو هاتف محمول، والطفل البالغ من العمر ثمانية أشهر قد يتعلم كلمتي أعلى وأسفل باستخدام المكعبات. وذلك يعني بأن الطفل يستطيع توسيع نطاق مفرداته اللغوية ومهاراته من خلال التفاعل الصحيح مع أبويه.
أين يمكن أن نجد ونفهم الألعاب الصحيحة؟
نظرًا للطلب المتزايد، أطلقت لويس موقعًا إلكترونيًا يقدم توصيات ومقترحات بالألعاب التي تهدف إلى دعم عملية التعلم والتعليم للفئات العمرية المختلفة، ولمساعدتهم على اللعب الخلاق وتحسين الذاكرة والحواس وأكثر من ذلك بكثير. سوف يتعلم الآباء من خلال الألعاب كيف يتفاعلون مع أطفالهم من خلال تولي زمامها. تضيف لويس أنه ليس من الصحيح أن نسأل الأطفال أسئلة طوال وقت اللعب التعليمي، بل علينا أن نقترح عليهم وأن نحفز الأفكار التي سوف تقودهم إلى تجربة الحواس المختلفة أو استخدام المفردات المناسبة.
وقت اللعب مع الأطفال
تشير لويس قائلة بأن الآباء يعتقدون خطأً بأن عليهم اللعب مع أطفالهم لساعات وساعات، إلا أن هذا النوع من العب التفاعلي قد يكون لمدة خمس أو عشر دقائق فقط، وهذا الوقت الجيد مع أطفالك قد يزيد من مفرداتهم بشكل ملحوظ، إذ لا يحتاج الطفل الذي يتراوح عمره بين سنتين وثلاث سنوات لأكثر من خمس دقائق، بينما قد يركز الطفل الذي يتراوح عمره بين أربع وخمس سنوات لمدة عشر دقائق بالاعتماد على نوع النشاط.
والأهم من ذلك، يجب تصنيف هذه الأنشطة بالشكل المناسب بالاعتماد على الفئة العمرية، وأن تتناسب مع مستوى الاهتمامات الصحيح. وفي النهاية، إذا اختار الأطفال نوع النشاط الخاص بهم، فإنهم سوف يلعبون لمدة أطول.
الفرق بين الأولاد والبنات
ترى لويس، وبناءً على خبرتها، وجود اختلاف بسيط بين احتياجات الأولاد والبنات في هذا العمر. ويظهر الأشخاص المختلفون في الجنس مواطن ضعفهم وإحباطهم بصورة مختلفة. فعلى سبيل المثال، قد تنسحب الفتيات بشكل أكبر، بينما يُظهر الأولاد إحباطهم بصورة أقوى.
الأبوين
أدركت لويس من خلال مقابلة العشرات مع الآباء أن جميع الآباء حول العالم متشابهين، إذ أنهم يصرون على تقديم الأفضل لأطفالهم.
الآيباد والتكنولوجيا
تعترف لويس بأن التكنولوجيا وجدت لتبقى، إلا أنه يجب متابعة الأطفال ليستخدموا التطبيقات الصحيحة المتوفرة على أجهزة الآيباد على سبيل المثال، وأن يستخدموا تلك التكنولوجيا باعتدال، كما طورت الخبيرة تطبيقات لمساعدة الأطفال مثل (Category Carousel) و(One Step Two Step).
لقد كان الوقت الذي قضيته مع لويس رائعًا فعلاً، فقد منحتني الثقة بأنني أسير على المسار الصحيح مع أطفالي، وأنني لست بحاجة لأن أشعر بالذنب لعدم قضائي ساعات في اللعب معهم أو في تسليتهم، والأهم من ذلك كله، هو أنه يمكنني أن أعلم أطفالي.
مركز تطوير قدرات الأطفال-دبي