X

العزلة: “العزل المؤقت” يضر بطفلك

أجرى باحثون مسحًا دماغيًا ووجدوا بأن الألم الذي تسببه العُزلة أثناء العقاب قد يبدو مماثلاً لذلك الذي يسببه الإيذاء الجسدي. ولذلك، هل وضع الطفل وحيداً في زاوية الغرفة هو الحل المناسب لطفلك؟

الحرمان من التفاعل هو أكثر تقنيات العقاب شيوعاً بين الآباء، وهو النوع الذي يوصي به معظم أطباء الأطفال وخبراء تطور الأطفال، ولكن يبقى السؤال، هل هو جيد للأطفال؟ وهل هو فعّال؟ ليس حسب نتائج آخر الأبحاث حول العلاقات وتطور الدماغ.

أثبتت الدراسات في مجال المرونة العصبية – تأقلم الدماغ – أن التجارب المتكررة تؤثر فعلاً على البنية الفيزيائية للدماغ. وبما أن التفاعلات ذات العلاقة بالانضباط بين الأطفال والأشخاص الذين يعتنون بهم تشكل جزءًا كبيرًا من تجارب مرحلة الطفولة، فمن المهم أن ينظروا بعناية للطريقة التي يستجيبون بها عندما يسيء الأطفال التصرف. يتعلق الانضباط بالتعليم – وليس بالعقاب – وإيجاد طرق لتعليم الأطفال السلوك المناسب هو أمر أساسي للتطور الصحي.

ولكن ماذا عن الحرمان من التفاعل؟ في معظم الحالات، فإن التجربة الأساسية التي يحصل عليها الطفل من الحرمان من التفاعل هي العُزلة. وحتى عندما يعاقبون بهذه الطريقة بطريقة تتسم بالصبر والمحبة، فإن الحرمان يعلمهم درسًا وهو أنه عند ارتكابهم للأخطاء أو عند مواجهتهم وقتًا صعبًا، فإنهم سيُجبرون على البقاء وحدهم، وهو درس غالبًا ما يمارسه الأطفال وخصوصًا صغيرو السن، تماماً مثل الرفض. وعلاوةً على ذلك، ما يصل إلى الأطفال هو الرسالة التالية، “أنا لست مهتمًا بالبقاء معك ودعمك ما لم تكن مسيطرًا على كافة تصرفاتك”.

وتكمن المشكلة في حاجة الأطفال العميقة للتواصل، فقد أظهرت عقودٌ من الأبحاث حول الارتباط أننا نحتاج أن نكون بقرب الناس الذين يهتمون لأمرنا، ونحتاج إلى أن يهدئونا، وتحديداً خلال أوقات الشدة. ولكن عندما يفقد الأطفال السيطرة العاطفية، فغالبًا ما يرسلهم الآباء لغرفتهم أو يجعلونهم يجلسون وحدهم في كرسي الأطفال المزعجين، مما يعني أن الطفل مضطر إلى أن يعاني وحده خلال هذه اللحظة من الإحباط العاطفي.

أحيانًا يُسيء الأطفال التصرف عندما يُرهقون عاطفيًا، فعواطفهم الشديدة ومتطلبات الوضع تتجاوز إمكاناتهم الداخلية، لذلك يؤدي التعبير عن حاجة أو إحساس كبير إلى سلوك عدواني وغير محترم وغير متعاون، وهو دليل بسيط على أن الأطفال لم يطوروا مهارات التنظيم الذاتي بعد. غالباً ما تكون إساءة التصرف صرخة لطلب المساعدة حتى يهدأ ومحاولة للاتصال.

عندما تكون ردة فعل الوالدين هي عزل الطفل، فإن حاجة الطفل النفسية الغريزية لا تتم تلبيتها. في الحقيقة، أظهر مسح الدماغ بأن الألم الذي يسببه الرفض مماثل لتجربة الألم الجسدي فيما يتعلق بنشاط الدماغ.

وفوق كل ما سبق، عادة ما يكون الحرمان من التفاعل غير فعال في تحقيق أهداف الانضباط المتمثلة في تغيير السلوك وبناء المهارات. قد يعتقد الآباء بأن الحرمان يجعل الطفل يهدأ وأن ذلك سوف ينعكس على سلوكه، ولكن بدلاً من ذلك فإن الحرمان يجعل الأطفال أكثر غضبًا وأقل نظامًا، مما يجعلهم أقل قدرة على السيطرة على أنفسهم أو التفكير فيما فعلوه، وأكثر تركيزًا على لؤم والديهم الذين أقدموا على عقابهم.

عندما يركز الأطفال على حظهم الرهيب الذي يتمثل بهاذين الوالدين اللئيمين وغير العادلين، فإنهم يضيعون فرصة لبناء البصيرة، والتعاطف، ومهارات حل المشكلات. ومن شأن حرمانهم من التفاعل أن يحرمهم فرصة بناء المهارات التي قد تركز عليها أنواع التأديب الأخرى. كما أنه من شأن وضع حدود واضحة مع تأكيد التعاون والحوار والاحترام أن يُعطي الأطفال الفرصة للتدرب على كونهم نشيطين ومتعاطفين وأصحاب قرار اكتسبوا القدرة على معرفة الأشياء من تلقاء أنفسهم.

في المرة القادمة التي تظهر فيها الحاجة للتأديب، فقد يرغب الوالدان في اتخاذ إجراء مختلف تماماً: إقامة علاقة تواصل عطوفة مثل الجلوس مع الطفل والتحدث معه أو طمأنته. ففي بعض الأحيان تكون التهدئة فعلاً ذات قيمة للأطفال، أو بتعليمهم كيفية التوقف وتأمل سلوكهم، خاصة بالنسبة للأطفال الصغار، إذ ينتج هذا التفكير عن التواصل لا عن العزلة، وكل ذلك سيجعل الأمومة والأبوة أكثر فعالية وجدوى على المدى الطويل.

هذا المقال بقلم دانييل سيجل وتينا باين بريزون.

اختارت بيبي شاه، أخصائية الطب النفسي التنموي في مركز تطوير قدرات الأطفال المقال أعلاه. فيما تستعرض أدناه بعض وجهات النظر وتزودنا بأهم خمس نصائح تستحق التوقف والتأمل.

من السهل علينا بوصفنا آباء أن يغيب عن بالنا الغرض من التأديب عندما يتعلق الأمر بتطور الطفل. نحن نريد من أطفالنا أن يتعلموا القواعد والخطأ من الصواب، وأن يحترموا الآخرين ويهتموا لشأنهم، وأثناء محاولتنا غرس تلك القيم، ننسى في بعض الأحيان أن التأديب يتعلق بالتعليم لا بالعقاب. وبالنسبة لي، فلم أجرب طريقة العقاب القائمة على الحرمان من التفاعل، حتى قبل أن تخرج تلك الدراسة، التي ربطت بين الحرمان من التفاعل والعزلة والرفض، إلى النور، حيث أنني لم أستطع أن أفهم يوماً كيف يمكن لتقنية التوقف عن الحب (الحرمان) أن تقرب بيني وبين طفلي. أظهرت الأبحاث أن نموذج الأمومة والأبوة الصارم والحنون في نفس الوقت، والذي يستعين بنمط التواصل في التأديب يخلق أطفالاً يستوعبون القواعد بشكل أفضل.

توقفي وفكري… قبل أن تأدبي طفلك. خمس نصائح

  • هل ترين بأن استراتيجية التأديب الخاصة بك ناجحة؟ هل من الممكن أن تؤثر سلبًا على طفلك على المدى الطويل؟ هل تجعل أطفالك يشعرون بالمزيد من الغضب أو تجعلهم غير مستقرين؟ إذا كان الأمر كذلك، فعليك استخدام العواقب عند تأديب طفلك بدلًا من حرمانه من التفاعل.
  • استخدمي استراتيجية تعتمد على المزيد من التواصل: يعني ذلك بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا إقامة حوار يناقش العواطف والطريقة التي يشعر بها الآخرون (كيف يشعر الآخرون نحو سلوك الأطفال)، أما بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، فعليك استخدام التقنيات غير اللفظية مثل حمل الطفل أو الجلوس معه.
  • عززي حاجة طفلك للانتماء والتواصل. أريه أنك تحبينه حتى وإن أساء التصرف، واجعليه يدرك بأن سلوكه منفصل عن شخصه (فأنت تكرهين سلوكه، ولكنك لا تكرهينه)، حيث أنك في الحقيقة تشكلين نموذجًا للحب غير المشروط.
  • شاركي تجاربك الشخصية ومشاعرك مع طفلك. أخبريه بأن الآباء والأمهات يشعرون أيضًا بالانزعاج والغضب أو الحزن، وأنه لا بأس بأن يشعروا بهذا الشعور. يستطيع الطفل التقاط مشاعرك الخاصة، لذلك عليك البقاء هادئة!
  • إياك أن تستخدمي أي نوع من أنواع التأديب الذي يتضمن تأكيد السلطة مثل الصراخ أو التجاهل أو الضرب، لأن ذلك ليس أمرًا غير فعال فحسب، ولكنه قد يتسبب بمشاكل عاطفية لطفلك على المدى الطويل.